في الحلقة الأولى من الموسم الأول من بودكاست «الفرع 251: جرائم سورية قيد المحاكمة»، نبدأ من الصفر، قبل التعمّق بالحديث عن إجرائيات المحاكمة في المدينة الألمانية كوبلنز. ما هو الفرع 251؟ من هم أنور ر. وإياد أ.؟ وما علاقتهم بالفرع المذكور؟
يغطي بودكاست «الفرع ٢٥١: جرائم سورية قيد المحاكمة» مجريات المحاكمة التاريخية الخاصة بجرائم ارتكبت في سوريا، والمعروفة باسم محاكمة «فرع الخطيب»، والتي تتم في مدينة كوبلينز الألمانية. نقدم لكم حلقات رئيسية مرتين شهريا وبين كل حلقة وأخرى، سنشارك معكم تحديثاً يتعلق بمُجرَيات المحاكمة.
آسر خطاب: من سنين، معروف عن شارع بغداد عجقة السيارات فيه، خصوصاً الصبح وقت بيبلش دوام الطلاب والموظفين والعصر لما بينتهي. ع الشارع السكني والتجاري الطويل يلي بيوصل أحياء المدينة القديمة بالجديدة، بتوقف الباصات الكبيرة والصغيرة والتكاسي لحتى تنزّل ركّاب وتطالع غيرهن. ممكن ينزل الواحد بشارع بغداد ويمشي شوي شمالًا بشارع الخطيب لحتى يمرق على عيادة دكتور، أو يروح ياكل شاورما بساحة القصور، أو يلاقي رفقاته بشي مقهى بالعدوي.
نور حمادة: على الطريق الحيوي النابع من شارع بغداد واللي اسمه شارع الخطيب، واحد من المفارق مختلف شوي عن باقي المنطقة. متاريس، حِرَاسة مشددة، أكياس رملية، أسلحة، وسيارات مفَيّمة. علمًا انو الأبنية بهالشارع سكنية وبتشبه بعضها، إلا انو واحد منهن مانه مبنى طبيعي أبدًا… إنما واحد من أشنع الأفرع الأمنية يلي بأقبيته بيتعرضوا معتقلي الرأي للإهانة، والاعتداء، والتعذيب والاغتصاب، والقتل… الفرع 251.
خلال عهد نظام الأسد، يلي من كم أسبوع مرقت الذكرى الخمسين على استلامه السلطة بالبلد، صارت كلمة فرع أمني مرادف لأسوأ الكوابيس البشرية. الفرع 251، أو فرع الخطيب نسبة للمنطقة الموجود فيها، واحد من الأمكنة يلي انرمى فيه ناشطين ومتظاهرين وصحافيين بعد ما اندلعت الثورة الشعبية ب 15 آذار 2011 ضد الرئيس بشار الأسد… كتير منهن فاتوا «للاستجواب»... وما طلعوا.
نور حمادة: أنا نور، محامية سورية اميركية وبشتغل بالقانون الدولي وبالتحديد بمجال حقوق الإنسان والأعمال التجارية بسوريا والشرق الأوسط بشكل عام، وعلى مسائلة الجرائم بسوريا.
آسر خطاب: وأنا آسر، صحافي سوري مقيم بأوروبا بكتب عن سوريا لصالح عدة وسائل إعلام دولية، كنت سابقًا مراسل للواشنطن بوست الفايننشال تايمز ببيروت. وسوا رح نقدملكم بودكسات «الفرع 251». من خلال هالبودكاست رح نغطي محاكمة جرائم سورية، والمعروفة باسم: محاكمة «فرع الخطيب» ويلي عم بتم بمدينة كوبلينز الألمانية. رح نحكي عن السبب، وليش بهالمدينة بالتحديد بالحلقات الجايه، لكن قبل ما نروح هناك، رح نبلش معكم من الصفر.
نور حمادة: منحب نلفت نظركن انه تم تغطية المحاكمة على مدى ١٨ حلقة بموسم أول باللغة الإنكليزية باسم BRANCH 251، وبعد البدء بإنتاج الموسم التاني، قررنا إنتاج جزء أصلي باللغة العربية، حتى الأشخاص يلي مهم انهم يعرفوا عن هالمحاكمة يقدروا يسمعوا ويتابعوا جميع المستجدات بالقضية.
آسر خطاب: سنة 1995، تعيّن ضابط من حمص اسمه أنور ر. بالمخابرات السورية، وترفّع بين صفوفها تدريجيًا لحد ما صار، سنة 2008، رئيس قسم التحقيق بالفرع 251. ما كان أنور ر. بيعرف إنو بعد 3 سنين من هالترقية، يلي اشتغل سنين حتى حصل عليها، رح ينحط بموقف حساس ما كان ليخطر على باله ولا على بال زملائه بالأجهزة الأمنية السورية يلي كانوا مقتنعين بإنهن ماسكين البلد بإحكام من كافة النواحي.
يوم الخميس، 15 آذار 2011، بعد الضهر، وقت كانوا الناس عم يستعدوا لعطلة نهاية الأسبوع بسوريا، وكان شارع بغداد مزدحم، متلو متل المناطق التجارية والشعبية القريبة منه، صارت حادثة صعقت الكل: صدى الشعارات الأولى للثورة السورية بلش يتردد بسوق الحميدية التراثي، على بعد كيلومترات بس من الفرع 251.
النظام ردّ من خلال فروعه الأمنية والقوى المسلحة، بدون تردد. الاعتقالات توالت على كل مين كان مشكوك بدورهم بتنظيم المظاهرات أو المشاركة فيها. أنور ر.، بحكم موقع الفرع يلي بديره بالعاصمة، وجه المُجندين والمتطوعين يلي بيخدموا عنده «ليعملوا اللازم» من بين هدول المأمورين كان شخص اسمه إياد أ.، يلي انضم لإدارة المخابرات العامة بـ «نجها» عام 1996، بعد سنة من انضمام أنور ر. للمخابرات؛ تعين اياد أ. بالفرع 251 سنة 2006، قبل ما يصير أنور ر. رئيس قسم التحقيق بالفرع 251 بسنتين. إياد ومتله كتير من العناصر تم استنفارهن من قبل حافظ مخلوف، ابن خال الرئيس السوري، مخلوف هو الرئيس السابق لفرع الأمن الداخلي (أو فرع الأربعين) والمعروف بإنو إلو دور كبير بتشجيع الأسد على نهج العنف الشديد في وجه المعارضة. إياد أ. تولى خلال العام الأول من الثورة السورية مهمة اعتقال المتظاهرين والناشطين وأي حدا مشكوك بنشاطه المعارض للنظام، وإنو يسوقهن للاستجواب بالفرع 251.
نور حمادة: على عكس يلي بيعتقدوه كتير ناس من برّات سوريا، مشكلة الأفرع الأمنية والفظائع يلي بتصير فيها ما بلشت كوحدة من الوسائل يلي استعملها النظام السوري للتعامل مع اللي انتفضوا ضده بثورة 2011. القصص المرعبة يلي بتطلع من هالسجون قديمة كتير، من بدايات عهد النظام لما كان حافظ الأسد، والد الرئيس الحالي، على رأس النظام. ببعض المدن متل حلب وحماة، قليل لنلاقي شخص ما عندو حدا من عيلته اعتقل يوماً ما واختفى. التهم كتيرة، وأغلبها درامي ورنان، «النَيل من هيبة الدولة»، «وهن معنويات الأمة»، «خيانة الحس القومي»، «التخابر»، «التحريض»، وغيرها. وفرع الخطيب، مانو الفرع الوحيد بسوريا يلي شهدت أقبيته بعض أشنع أحداث التعذيب يلي بيشهَدها العالم بالعصر الحديث.
لكن على عكس بعض السجون الشهيرة متل صيدنايا، سجن الفرع 251 يعتبر بشكل أو بآخر وحدة من المراحل الكتيرة يلي بيمر فيها المعتقل السياسي عادةً. بحسب شهادات المعتقلين السابقين، غالبًا بيتنقلوا بين كذا فرع لبينما يثبتوا بواحد بيقضوا فيه الفترة الأطول.
سجن الفرع بجميع الأحوال ما بيستوعب كمية كبيرة من الناس، خصوصًا إنه بقبو بناء من طابقين. موجود بحي سكني مزدحم بالعاصمة دمشق. بحسب الشهادات، في بهالقبو 29 زنزانة، من بينها 5 جماعية واسعة ممكن توصل مَساحتها لـ 16 متر مربع، والباقي كلها زنزانات فردية صغيرة. السجانين والحراس بناموا على أَسرّة موضوعه بالممر الفاصل بين الصفين تبع الزنزانات يلي مواجهين بعضن. الزنزانات بهالسجن ـ متل غيرها من سجون الأمن السورية ـ متسخة، ما فيها نوافذ، ما فيها تبريد أو تدفئة، ما فيها مساحة للحركة، ومليانه دم ع الحيطان.
أما رواد السجن، فهنن بالمجمَل معتقلي رأي وناشطين وناس شاركوا بالاحتجاجات أو النشاط المعارض ضد النظام السوري، وعدد من الناشطين السوريين المعروفين مرقوا بهاد الفرع خلال تجربتهن المريرة مع سجون النظام.
الإهانة بتبلش من الدقائق الأولى، بما يعرف بـ «حفلة الاستقبال» يلي بتبدأ فيها رحلة الإهانة والضرب والتعذيب الطويلة. القائمين على هاد الفرع، معودين على هاد النوع من التحقيق، وما في عندن مشكلة مع الحال يلي بيوصله المعتقلين الموجودين فيه، إنما يمكن حتى يتلذذوا بهاللشي.
خلينا نرجع لأنور ر. وإياد أ.
آسر خطاب: إحدى مقالات مجلة دير شبيغل بتوصف أنور ر. وبتقول انه بيتمتع بذاكرة قوية، قادر على تقديم أدق التفاصيل والتحليلات حول كيفية عمل جهاز الاستخبارات. أنور ضل ١٨ سنه بالمخابرات. كان عنده طموح ليبني مسيرة مهنيه بالدكتاتورية بسوريا. وخلال هي المسيرة وصل لرتبة عقيد.
أنور ر. ما كان جزء من الدائرة المصغرة او صنّاع القرار بالمخابرات السورية. لكنه كان قريب منها ليشهد على أمور مهمة. بعد اندلاع الثورة السورية بـ ٢٠١٢، انشق أنور ر. من ترتيبه مع أمن الدولة. ذكر أنور ر. أسباب ومناسبات مختلفة لانشقاقه. على سبيل المثال وحسب مجلة دير شبيغل، أنور ر. خبر المحققين انه المعارضة اعتقلوا صهره وهددوا أولاده. حسب دير شبيغل كمان، انشقاق أنور ر. من الممكن انه يكون له سببين. أولا، شعوره بالإهانة مهنيا من قبل النظام. والسبب الثاني هو عدم رضا حيال القتل الجماعي يلي بداء بأول العام ٢٠١٢.
ممكن كمان يكون فيه سبب ثالث، وهو أنه كان الجميع يتوقع سقوط النظام قريبا بهداك الوقت. لهيك ممكن أنور ر. قرر انه يبدل الجهة قبل ما يسقط النظام وشاف انه من الذكاء انه يكون مع الطرف المنتصر بهديك اللحظة.
نور حمادة: إياد أ.، كمان انشق بعد اندلاع الثورة السورية، ولاحقًا قال إنو لما تلقى أوامر بفتح النار على المتظاهرين السلميين، اضطر إنو ينّفذها ولكنه حرص على إنو ما يصيب حدا فيهن. بعد انشقاقه، إياد أ. راح على مدينته بريف دير الزور، واشتغل فترة مع الجيش السوري الحر. ومتل ما محطات مَسيرته شابهت محطات مَسيرة أنور ر. لحد الآن (تعيين بالمخابرات بفترة متقاربة، تعيين بنفس الفرق بفترة متقاربة، وانشقاق بفترة متقاربة) إياد أ. كمان راح على ألمانيا وطلب فيها اللجوء.
أما أنور ر. وبعد انشقاقه عن النظام السوري، رحل إلى الأردن. هنيك، بدأ في الانخراط مع المعارضة السورية. من المعروف كمان انه شارك في مفاوضات جنيف بدورتها التانية بـ 2014. ولكن المثير للاهتمام هو انه مو واضح بأي صفه أنور ر. حضر المفاوضات، إذا كان يمثل المعارضة او كان مع هيئة تانية ويلي ممكن يكون اشتغل فيها كحارس لأحد أعضائها مثلا...
شيء مثير للاهتمام للنظر فيه هو أنه، وبحسب صحيفة جسر، على الرغم من أن أنور ر. كان موجود باجتماعات سياسية وعسكرية مع المعارضة السورية، إلا أنه كان كتير حذر وما يشارك في أنشطة او اجتماعات عامة للمعارضة السورية. خلال وجوده بالأردن، أنور ر. شك إنه كان بخطر، لأنه انشق عن النظام السوري وكان متورط بشكل واضح مع المعارضة. ولهيك، وعن طريق الاتصالات المتبادلة من مشاركته مع المعارضة، واحد من أبرز الشخصيات السورية المعارضة ويلي اسمه رياض سيف، أوصى الحكومة الألمانية باستقبال أنور ر. عبر برنامج استقبال حكومي ألماني مخصص للناس اللي بحاجة لحماية. ولهيك تلقى أنور ر. تأشيرة خاصة من السفارة الألمانية ووصل لألمانيا بـ 26 تموز 2014.
آسر خطاب: العجيب بهاد الموضوع انه أنور ر. حصل على هالفيزا اللي كانت معنية إنها تحميه من نفس البلد يلي هلق عم تحاكمه!
الخوف يلي هرب منه انور ر. من الأردن، لحقه على ألمانيا، وبعد ما تعرف وقابل كتار من السوريين الموجودين فيها، حس إنه ممكن يكون بخطر كمان. الخطر يلي حس فيه أنور ر. ما كان فقط لأنه الموجودين أشخاص سوريين عاديين، وإنما في منهم ناجيين من الفرع 251.
قابلنا نوران الغليان، ويلي هي إحدى الناجيات من فرع الخطيب او الفرع 251 وصحفية سورية مقيمة بأوروبا. من حديثنا معها، فهمنا انه تم اعتقالها بفرع الخطيب بسنة ٢٠١٢ هي ووالدتها بسبب مشاركة نوران باعتصام بدمشق. هالإعتقال صار بنفس الوقت اللي كان فيه أنور ر. عقيد بهالفرع... سمعنا من نوران عن تجربتها وعن قصتها بهداك الوقت… وعن الطريقة اللي كان يتعامل فيها أنور ر. مع الأشخاص اللي انحجزوا بفرع الخطيب. حسب ما فهمنا من وصف نوران، أصوات التعذيب كانت تكون طالعة طول الوقت، خصوصًا بالليل، كانوا يناموا ويصحوا بالفرع على أصوات التعذيب. نوران بقيت معتقلة تقريبًا ٣ شهور وطلعت بكفالة من سجن عدرا، أول شي تنقلت من فرع الـ ٤٠ لفرع الخطيب لفرع الأمن العسكري للفرع 285 بأمن الدولة قبل ما تتحول ع القضاء عسكري وبعدين القضاء المدني.
على فكرة، كتار من القائمين على محاكمة كوبلنز ما زاروا فرع الخطيب ولا قادرين إنو يزوروه، كون النظام السوري لسا موجود لسا الأفرع الأمنية الخاصة فيه قيد العمل. بس من خلال شهادات المعتقلين السابقين بتتضح الصورة شوي شوي أمام القضاء والإعلام وأمام الملأ، حول طبيعة السجن وظروف الإقامة فيه ونوعية الناس يلي بتعتقل فيه.
نوران الغليان: هذا الموقف يعني مو من المواقف الصعبة اللي صارت بحياتي، لا، من أصعب المواقف اللي صارت بحياتي. فكرة انو بس يعني القوة اللي هو بتسمحله فيها، اللي بيسمح له المنصب اللي هو فيه، فهو بيتحكم بطريقة بإنه هو ممكن ينهي حياة بني ادم. فانا هذا الشي اللي صار معي معه. هو ما أنهى حياتي بس هو شوهني من جوه.
كان في شعور جواتي بإنكار للواقع. إنه أنا ماني مصدقة إنه أنا هون، وفكرة إنه لعما شو صار يعني؟ وهيك يعني الفكرة اللي طغت على كل هدول الأفكار إنه أنا ماما معي. فهذا الشي كان يعني عن جد، عن جد دمرني نفسيًا. إنه ماما معي بسببي. يعني كنت كتير نعسانة فهيك غمضت عيوني شوي ومافي هيك دقائق، بعدين فتح واتطلع هيك، لعما، وين أنا؟ يعني عن جد كان جواتي هاد الشعور، إنه هيك، إنه أنا محبوسة وإنه هيك مثل شي فورًا اتاخذ، اللي هو الحرية. هاد الشي عن جد كتير صعب ينوصف وبمكان كتير بشع بمكان ما حدا لح يعرف عنك شي، بمكان انت ما رح تعرف عن حالك شي.
نور حمادة: الوضع المعيشي داخل الزنزانة كان غير عادي كمان، يعني كأنوا التعذيب ما لازم يوقف وموجود بكل زاوية وكل مكان، حسب ما فهمنا من نوران، كان في بطانيات كلهن حشرات، والمكان كان مزري ومقرف لدرجة عالية، ومحل ما كانت موجودة كان معها تقريبًا ١٧ بنت، بمكان كتير صغير.
في البداية تم التحقيق مع أم نوران وبقية البنات اللي اعتقلوهن بنفس الليلة، كانت الأسئلة بتتعلق بوجودهن وانضمامهن للمظاهرة، لكن بنفس أسلوب النظام المليء بالإهانة بالحكي والتعامل. لما مرق وقت طويل وما حدا طلب نوران ليحقق معها فكرت إنها تسأل السجان ايمتى؟ ايمتى رح تحققو معي؟ فرد لها انو المحقق تبعها تقيل، ومو موجود بهداك اليوم. بكرا بكون موجود وبكرا بيحقق معك لأنو ملفك كبير. اجا تاني يوم وشافت نوران المحقق يلي كان عم يحاول يلفق لها تهم وصار يذكر لها انو هي محرضة على القتل وإنو هالتهمة ما بتطلع منها لبعد ١٠ سنين.
لكن هو ممكن يطلعها إذا هي بتساعده، طبعًا المساعدة هون بتكون عن طريق انو نوران تعطيه معلومات عن أشخاص.
نوران الغليان: انضربت واتعذبت نادو على اسم ماما. طلعت ماما، أنا تخيلت إنه هي أكيد طلعت برات السجن. بعدين نادو على اسمي. بلاقيهن بطالعوني من المهجع وبدخلوني على زنزانة منفردة. وهنيك كتير عانيت نفسيًا بالصراحة.
آسر خطاب: وصف وكلام نوران بيوضح انه عدم الاحترام، التعذيب والحبس الانفرادي هي لغة موحدة بتستخدمها أغلب الفروع الأمنية بسوريا.
وأخيرًا وبعد إنتظار، اجى اليوم يلي قابلت فيه نوران أنور ر. لكن بالواقع هي كانت مقابليته من قبل… في 15 آذار 2011 تم اعتقال مروه اختها لنوران، وبعد بكم يوم، راحت نوران هي وأهلها وانسمحلهم بالزيارة لحتى بشوفوا أختهم، وقتها كانت أول مرة بتلقتي نوران بـ أنور ر. دخلوا على مكتبه، اللي هو شي عادة ما بصير، بس لأنه كانت بداية الثورة وقتها كانوا يسمحو للناس بالزيارة. وحسب ما فهمنا من نوران انو اختها مروة كانت متعرضة للضرب والتعذيب، لكن فكرة إنه أنور ر. خلاها هي واهلها يفوتوا بشوفوا أختها مروة، خلتها تاخد انطباع إنه أنور ر. شخص حباب. ف لما كانت بالمنفردة، طلبت تشوفه لأنه كان ببالها إنه ممكن يساعدها…
وصلت على مكتب أنور، ومن الاسم المحطوط على المكتب قدرت تتأكد إنو هاد هو العقيد أنور ر.
نوران الغليان: قعدت وظل السجان عم يستنى برا. أنا كنت بوقتها منهارة كتير وعم ببكي وعم قول له... فهو صار يقلي انت ليش عم تتطلعي بالمظاهرات ما بتعرفي انه هذا الشي غلط... عم يحكي ببرود مستفز يعني بالوقت اللي انا عن جد كنت... يعني كنت صغيرة وكنت منهارة وكنت مالي عرفانة شو بده يصير فيني، وبمكان يعني أنا ما بعرف وين ماما، ما بعرف وين أهلي، أهلي ما بيعرفو وينني، ما بعرف قديش لح ضل. قاعد عم يحكي بطريقة انه هو كتير بارد كتير عم يضحك وعم يضحك بطريقة انه هو عم يضحك عليّ، فأنا بجي بقول له أنا ما بدي شي، بس حطني بالزنزانة اللي فيها البنات، بس ما تخليني لحالي لأنه أنا عن جد كتير لح بفقد عقلي وهيك عن جد عم أحكي بطريقة كتير طفولية وبتوجع يعني. كنت كتير موجوعة. وكنت حس إنه حياتي كلها كانت بين يديه.
نور حمادة: طلبت نوران من أنور ر. إنه يطالعها من المنفردة. ورغم من إنه بين متفق مع هالشي، السجان أخذها ورجعها لنوران على الزنزانة المنفردة.
بوقتها نوران قررت توقف عن الأكل، ومن الضغط الشديد، بلش ينزف أنفها دم، مو نقطة أو نقطتين، النزيف كان حاد. الشي يلي خلا الحراس يقلقو، وبالصبح تاني اليوم، فتحو عليها الباب ولكن بدل ما يغيرو لها المكان، حطو أمها معها.
نوران الغليان: أي ضلينا تقريبا بتذكر ما بعرف تقريبا نص ساعة وأنا، يعني انا وياها بس هيك عم نعانق بعض ونبكي. كان والمنظر كتير بشع، إنه أنا ماما هون وتعبانة وشكلها كتير، متأذية يعني.
نور حمادة: قصص متل يلي مرقت فيها نوران لا زالت عم تصير بسوريا. وبظل وجود النظام وقَبضَتِهَ الأمنية بكل المحافظات الخاضعة لسيطرته. من الصعب جدًا العمل على توثيق هالانتكهات ومناصرة ضحاياها غير من خارج سوريا. في كتير ناس كرّست جهودها للعمل ضد النظام خارج البلد، وحبوا يستغلوا الأمان يلي هنن فيه بعيد عن سطوة المخابرات السورية.
آسر خطاب: أنور ر. وإياد أ. تنيناتن خطّوا مسيرة حياتهن المهنية بممرات أفرع أمنية صيتها السيء عمّ الدنيا وأنباء الأذى يلي لحق ضحاياها حرق قلوب كتيرين. وصولهن على ألمانيا وطلبهن للجوء هنيك كان ممكن يعني إنو يروحوا طي النسيان هنن وكل شي ممكن يكونوا عملوه خلال عملهن بالمخابرات السورية، بدون أي عواقب، بس لأنهم انشقوا بمرحلة من المراحل وتعاملوا مع المعارضة. بس مو هاد يلي صار.
إذا كانوا هالشخصين سافروا على ألمانيا لحتى الناس ما تفكر فيهن، فالعكس تمامًا صار، لأنو بعد فترة، صارت حادثة خلت أسمائهن تصير على كل لسان، حادثة تردد صداها على كل وسائل الإعلام، ورح تدخل كتب التاريخ بقيمتها الرمزية لسوريا والعالم. الحادثة يلي جمعتهن ببعض، وببعض الوجوه المألوفة من أيام الفرع 251، هي أول محاكمة، خلال خمسين سنة، لشخصين متهمين بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات حقوق إنسان لصالح النظام السوري.
نور حمادة: بالحلقة الجاية، رح نروح على كوبلنز ونتعمق بتفاصيل المحاكمة وحيثياتها وكيف وصلت لهون، والتهم الموجهة لأنور ر. وإياد أ.
تابعونا عبر تطبيقات الإستماع المختلفة. رح ننشر حلقة جديدة من بودكاست الفرع 251 مرتين كل شهر، رح نتعرف من خلالهن على اللي صار وعم يصير بسوريا، وصوب عيوننا المحاكمة التاريخية يلي عم تتم بكوبلنز. بين كل حلقة وحلقة رح نشارك معكن تحديث عن مُجرَيات المحاكمة من مُراسلتنا بكوبلنز، هنا الهتمي.
فيكن كمان تسمعوا بودكاست الفرع 251 باللغة الإنجليزية من كتابة فرتز سترايف، تقديمنا، ومن المشاركة بالكتابة والتحرير والإنتاج بولينا بيك. حلقة اليوم من كتابة وتقديم نور حمادة وآسر خطاب، تحرير وانتاج سليم سلامة.
آسر خطاب: قدرنا نقدملكن هالحلقة بدعم من منظمة أمم للتوثيق والأبحاث. ضمن إطار عملهن حول قضايا السجن والاعتقال، أطلق فريق أمم مؤخرًا موقع جديد لمشروعهن: منتدى المشرق والمغرب للشؤون السجنية. بإمكانكن تلاقوا مقاربة معتمدة على الملتيميديا لموضوع الاعتقالات بالإقليم على الموقع: مدونات، أفلام، أدب، صوت، وأكتر. زوروا الموقع على menaprisonforum.org ونحن رح نضيف الرابط على الملاحظات الخاصة ببرنامجنا.