بعد سنين من المطالبات من أهالي المعتقلين والمفقودين والمخفيين قسراً، اللبنانيين والسوريين، في سجون النظام السوري، والذين يتعدون المئة ألف شخص، استجابت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لهذه النداءات والمطالبات، وصوتت الجمعية العامة فيها على إنشاء مؤسسة، هي الأولى من نوعها، تعمل على كشف مصير هؤلاء المعتقلين أو المفقودين أو المختفين قسرا في سوريا، بغالبية 83 صوتاً، وتكليف الأمين العام للأمم المتحدة تطوير «إطارها المرجعي»في غضون 80 يومًا بالتعاون مع المفوض السامي لحقوق الإنسان، على أن تستعين وتضمن «المشاركة والتمثيل الكاملين للضحايا والناجين وأسر المفقودين» وأن تسترشد بنهج يركز على الضحايا.
يمكن اعتبار إنشاء هذه المؤسسة، الإطار الصحيح لتطبيق آلية عدم الإفلات من العقاب، وإبقاء القضايا الإنسانية حيّة في سبيل الوصول الى العدالة والحرية.
وإننا إذ نحيي جميع الدول التي صوتت مع هذا المشروع، وسعت إلى إيجاد آلية دولية للمساعدة في تخفيف معاناة مئات الآلاف من اللبنانيين والسوريين الذين يعانون أشد أنواع التعذيب في أقبية ودهاليز ومسالخ هذا النظام المجرم، وأهاليهم الذين الذين يتشاركون معهم في هذه المعاناة والمآسي، وينتظرون صابرين أي بارقة أمل لمعرفة مصير أولادهم أو خروجهم إلى الحرية.
هالنا ما أقدمت عليه السلطة اللبنانية وحكومة تصريف الأعمال الفاقدة للشرعية الشعبية والنيابية، ورئاستها ووزارة الخارجية في اتخاذ قرار اعتباطي بالامتناع عن التصويت، مما يضعها في خانة الشريك للنظام المجرم الذي قتّل وخطف وغيّب عدد هائل من اللبنانيين، ولا يزال عدد من المعتقلين اللبنانيين والمخفيين قسراً موجودين في سجونه ويفوق عددهم الستمائة.
إن ما قام به رئيس مجلس الوزراء المستقيل نجيب ميقاتي، الذي يتغنى بأنه «إبن طرابلس»، التي عانى أبناؤها ما عانوه من إجرام هذا النظام، ولا يزال العديد منهم معتقلين في أقبيته أو مفقودين لا يعرف أهلهم مكانهم، من إعطاء تعليمات بالامتناع عن التصويت مع القرار، ووضع رأسه في الرمال، هو قمة العار والخذلان تجاه أبناء مدينته وسائر اللبنانيين الأحرار، وإستمراراً في نهجه القائم على إعلاء مصالحه الشخصية على مصالح الوطن والمواطنين، وتقديم اللبنانيين قرابين للطغاة والفاسدين وقادة إجرام هذا العصر، رافعاً عنوان الإفلات من العقاب والعدالة شعاراً له ولمسيرته.
إن ما قامت به وزارة الخارجية ووزيرها عبد الله بو حبيب هو جريمة موصوفة بحق اللبنانيين وآلامهم ومآسيهم، ويجب محاسبته ضمن خانة «الخيانة» للشعب اللبناني.
إن استخفاف وزارة الخارجية اللبنانية بجرائم هذا النظام ضد اللبنانيين والشعب اللبناني، ومراعاته ومحاباته في سبيل تغطية جرائمه، هو استهزاء بما قامت به الديبلوماسية اللبنانية سابقاً من أعمال ومواقف لنصرة الحق الإنساني في العدالة من خلال مساهمتها بإنجاز شرعة حقوق الإنسان العالمية، وبالتالي يجب على النواب «الشرفاء» في مجلس النواب مساءلة هذا «المنتحل» لصفة الديبلوماسية اللبنانية ورئيسه المتهم بقضايا هدر وفساد، ومساءلة مصرّفي الأعمال في الحكومة اللبنانية، حول ما اقترفت أيديهم من هدم لتاريخ هذه الديبلوماسية وانتهاجهم نهج الدول الاستبدادية التي لا تراعي الحق الإنساني بمعرفة المصير.
إن اللبنانيين الأحرار، مدعوون للوقوف في وجه السفاهة والاستخفاف الذي وصلت إليه هذه السلطة، من ضرب للحقوق «الآدمية» لهم، وضرب للدستور اللبناني، واستهزاء بقضاياهم المحقة، وإتباع مختلف الوسائل في سبيل العمل على إحقاق العدالة، وإعلاء الصوت لمعرفة مصير من اختفى، وإعادته الى اهله أو معرفة أين رفاته، وتحضير الملفات والدلائل والشهادات في سبيل التوجه نحو المؤسسة المذكورة لمعرفة مصير من اختطفه وأخفاه هذا النظام وشركاه، وصولا إلى معرفة المصير وتحقيق العدالة ولو بعد حين.
إن هذه المواقف والقرارت التي لا تمت للانسانية بصلة، تؤدي لمزيد من الاهتراء في قيمة لبنان المعنوية، القائمة على الحرية والعدالة والديمقراطية، وتجعله بلداً دون قيم ومبادئ، وتؤدي باللبنانيين إلى مزيد من فقدان الثقة بالواقع السياسي والقضائي اللبناني، والكفر بالقوانين وتحقيق العدالة، وبالتالي السعي لتدويل قضاياهم في الساحات الدولية، بعد أن وهب ساستهم بما فيهم من إتخذ هذا القرار، قرار البلد السياسي للخارج، وأضحى اللبنانيين بفعل قصر نظر هؤلاء «الطفيليين» بانتظار مبادرات خارجية لحل مشاكلهم الداخلية.
الموقعون:
أمم للتوثيق والأبحاث
منتدى المشرق و المغرب للشؤون السجنية
مؤسسة لقمان سليم الثقافية
جمعية المعتقلين اللبنانيين السياسيين في سوريا
ائتلاف الديمقراطيين اللبنانيين